السلام عليكملعل الكوكا كولا هي العلامة التجارية الأشهر في كل أنحاء العالم على مدى التاريخ. وما لم تكن تعيش مع قبيلتك في غابات الأمازون أو صحارى الربع الخالي، فعلى الأرجح أنك بالتأكيد قد شربت الكوكا كولا أو على الأقل رأيت علامتها التجارية..
ولهذا السبب فإن هذا الموضوع ليس إعلانا على الإطلاق، لأن الكوكاكولا لا تحتاج إلى إعلان، فهي معروفة في كل مكان في هذا الكوكب.
كوكا كولا Coca-Cola هو مشروب غازي مكربن (أي يحتوي على غاز ثاني أكسيد الكربون) له نكهة الكولا، وهو أكثر المشروبات شعبية في معظم أنحاء العالم. ظهر المشروب للمرة الأولى عام 1886. مخترع المشروب هو الصيدلي "جون سميث بمبرتون"، لكن الحقوق التجارية ذهبت في النهاية إلى "آسا كاندر". كان المشروب في البداية يحتوي على نسبة لا بأس بها من الكوكايين! تم تقليل هذه النسبة مع الوقت حتى وصلت إلى 0.16 ميليجرام في الأونس بحلول 1902، والآن تستخدم أوراق الكوكا المستخرج منها الكوكايين من أجل النكهة فقط.، انتقدت الكوكاكولا كثيرا بسبب ما يقال عن أضرارها الصحية، وهناك الكثير من الأساطير والشائعات التي ارتبطت بها. تنتج الشركة أيضا العديد من المنتجات الأخرى، مثلا دايت كوكا كولا، وسبرايت وفانتا.
الابتكار
عام 1885 ابتكر الصيدلي "جون سميث بمبرتون" من ولاية جورجيا شرابا كحوليا لعلاج الصداع كان يحتوي على نبات الكوكا، واسمه Cocawine أي نبيذ الكوكا. كان "بمبرتون" متأثرا في ابتكاره هذا بشراب فرنسي مماثل يدعى "فين فارياني Vin Mariany".
في نفس العام أصدرت ولاية جورجيا عددا من القوانين التي تحد من استخدام الكحول، فطوّر "بمبرتون" شرابه ليصبح غير كحولي، وتمت تسميته كوكا كولا. كوكا لأنه يحتوي على الكوكايين المنشط، وكولا لأن به نكهة الكولا لاحتوائه على بذور نبات الكولا كمصدر للكافيين. بيعت زجاجات الكوكا كولا لأول مرة في صيدلية جاكوب في جورجيا عام 1886. وكان معدل البيع في الثمانية أشهر التالية حوالي تسع زجاجات في اليوم، وكان ثمن الزجاجة خمسة بنسات. كان "بمبرتون" يقول إن الكوكا كولا تعالج الصداع وعسر الهضم وإدمان المورفين والتهاب الأعصاب والضعف الجنسي!
عام 1887 باع "بمبرتون" شركته لشخص يدعى "آسا كاندلر"، والذي أنشأ شركة باسم "مؤسسة كوكا كولا" عام 1888. في نفس العام باع "بمبرتون" حقوق المنتج مرة أخرى لشركة أخرى يمتلكها ثلاثة رجال أعمال، وفي نفس الوقت بدأ ابنه في إنتاج الكوكا كولا، وعلى هذا أصبح هناك ثلاثة منتجات تحمل اسم كوكا كولا في السوق.
ولحل المشكلة التي نجمت عن هذا الوضع، قال "بمبرتون" إن ابنه هو الذي يمتلك اسم كوكا كولا، بينما يمكن للمنتجين الآخرين استخدام التركيبة. بدأ "كاندلر" في بيع المنتج تحت اسم "يام يام" و"كوك"، إلا أن المنتجَين فشلا في جذب الانتباه، فقرر رفع قضية على الشركتين الأخريين لإخراجهما من السوق والحصول على اسم كوكا كولا، على أساس أنه اشترى حقوق المنتج أولا.
أنشأ "كاندلر" شركة ثانية – بعد فشل "مؤسسة كوكا كولا" – باسم "شركة كوكا كولا" عام 1892، وهي الشركة التي لازالت تعمل حتى الآن. أخذ "كانلدر" في تسويق المنتج والإعلان عنه بكثافة غير عادية. وقد ابتكر "كاندر" الكثير من وسائل الدعاية التي كانت غير مسبوقة في ذلك الوقت. بدأت تعبئة الكوكا كولا في زجاجات، وكانت الزجاجات تسرب المشروب في البداية، ومر تصميم الزجاجة بالكثير من المراحل، إلى أن وصلت للشكل الشهير الذي ارتبط بها بعد ذلك عام 1915.
بدأت حملة الدعاية المكثفة تتخذ اتجاها آخر بواسطة شخص يدعى "وليام داركي"، حيث ربط شرب الكوكا كولا بأنشطة الحياة العادية، فالكوكا كولا يجب أن يشربها كل الناس من كل الطبقات والمستويات والأجناس والأعمار.
التوسع
بعد رحيل "كاندلر"، أخذ خلفه روبرت "وودراف" يركز اهتمامه على نشر الكوكا كولا في كل أرجاء الولايات المتحدة. كما اهتم كثيرا بأن يحسن من جودة الإنتاج واضعا مجموعة من الاشتراطات القياسية التي يجب تنفيذها عند الإنتاج، ثم بدأ ينظر إلى التوزيع خارج الولايات المتحدة، فقام بإنشاء قسم للتوزيع الخارجي عام 1926، وقام بفتح عدد من مصانع الكوكاكولا في أوروبا وأمريكا الوسطى.
جاء الكساد العظيم عام 1929، ونمت المخاوف من أن تنخفض المبيعات، إلا أن شركة الدعاية ابتكرت مجموعة من الشعارات جعلت المبيعات ترتفع للضعف! واستمرت الدعاية المكثفة للمشروب.
في العشرينيات أيضا استطاع المنافس الكوكاكولا العتيد – شركة بيبسي كولا التي كانت قد انشئت عام 1903 - أن تزيد من مبيعاتها لتكون ندا لها. كانت بيبسي تقدم زجاجتها بخمسة بنسات بينما كانت زجاجة الكوكا كولا بستة، كما انتهجت بيبسي سياسة دعائية موسيقية مكثفة لمنتجها، واستطاعت أن تؤدي إلى تراجع مبيعات كوكا كولا.
كوكا كولا الحرب
بنشوب الحرب العالمية الثانية عام 1939 أصبح هناك نقص في السكر، وكان السكر يتم توزيعه بالحصّة، ولم تستطع كوكا كولا إنتاج مشروبها بالمعدل السابق. بعد قليل توصلت كوكا كولا إلى اتفاق مع حكومة الولايات المتحدة بإعفائها من تحديد حصة السكر التي تحصل عليها مقابل تقديم مشروبات مجانية للجنود. وكان موظفو الشركة يذهبون إلى الصفوف الأولى في الأماكن التي يعسكر فيها الجيش الأمريكي في العالم مقدمين الكوكا كولا الباردة للجنود، وقد كان الجنود سعداء بهذا على أساس أن كوكا كولا تذكرهم بالوطن. عندما عاد الجنود إلى الوطن كان طعم الكوكا كولا لا يزال في ذاكرتهم فارتفعت مبيعات الشركة بشكل كبير.
في وقت الحرب أيضا تحول اسم الكوكا كولا إلى كوك Coke. عام 1941 عادت الشركة إلى الإعلان عن منتجها باسم كوكا كولا، إلا أن الناس ظلوا يستعملون الاسم كوك، ولازال المشروب يعرف في العالم الغربي الآن باسم كوك بينما لازلنا في المنطقة العربية نستخدم الاسم كوكا كولا.
بعد الحرب العالمية الثانية بدأت كوكا كولا تلتفت إلى باقي دول العالم التي لم تكن قد وصلت إليها بعد، منشئة العديد من المصانع حول العالم.
تباع الكوكا كولا الآن في كل دول العالم تقريبا، ويمكن شراؤها من أي مكان على سطح الأرض.
الكوكا الجديدة
عام 1985 قامت كوكا كولا بتغيير تركيبة المشروب تحت اسم New Coke مع دعاية تجارية مكثفة، إلا أن هذا المنتج الجديد لاقى فشلا كاملا، فعادت الشركة إلى التركيبة القديمة مرة أخرى تحت اسم Coca Cola Classic.
ومع الوقت اختفى الـ New Coke من الأسواق وتمت إزالة كلمة Classic ليعود الاسم إلى Coca Cola. إلا أن الكوكا كولا الحالية مختلفة عن كوكا كولا ما قبل 1985، إذ تحلى بمحليات مستخرجة من شراب الذرة بدلا من السكر التقليدي الذي كان مستخدما قبل 1985. وفي الولايات المتحدة يستورد محبو الكوكا كولا القديمة المشروب من مصانعها في المكسيك، حيث لازالت تحلى بالطريقة القديمة، وعلى موقع ebay تعرض الكوكا كولا القديمة الآتية من المكسيك للبيع لمحبي الطعم القديم.
إلا أن اتفاقية تجارية وقعت في 2006 بين الولايات المتحدة والمكسيك ستؤدي إلى إجبار المصانع في المكسيك على استخدام محليات الذرة الأمريكية، مما يعني أنه لن تعود هناك كوكا كولا قديمة مرة أخرى. ويعتقد الآن أن تغيير تركيبة الكوكا كولا كان لمواجهة ارتفاع أسعار السكر ليس أكثر.